الاثنين، 15 ديسمبر 2008

أركون + الثواب والعقاب والدين ..

حضرت قبل قليل ندوة التنوير التي اضاءها الدكتور الكبير محمد أركون , كانت الندوة منظمة تنظيما ممتازا , والحضور مشرف حقيقة , يعني انا لو ادري ان الحضور هالكثر ما جيت أصلا , لأني كنت متوقع المحاضرة تكون بسيطة جدا , وهو ما كان , لكن حضرت اولا لرؤية الإستاذ الكبير , وثانيا لزيادة عدد الحضور , علشان ما نتفشل جدام الأمم المتحدة :) .
اول واحد صار بويهي اهو ابوسلمى العزيز , واقف بمدخل المبنى ما ادري يدخن مادري شيسوي , ألقيت عليه السلام , ورد التحية بمثلها , ودخلت :) , الحضور كما قلت كان كبيرا , فواجهت مشكلة بالمقعد , لكن سيدة كبيرة تفضلت بتوجيهي لمقعد فارغ , جلست خلف ثلاث فتيات , شقراء , وفتاة شعرها قصير مسويته مثل ذيل الحصان , ووحده ثالثه متبتبه :) , الشقراء عورت قلبي , تلعب بخصل شعرها .. !!
يعني المحاضرة شوية تنوير , وشويه عوار قلب , واركون ياب طاري بغداد وقرناطة , فأشتغلت عندي الحنين لعهد ابو نواس , وابن زيدون , والجماعة اياهم :) , فيا ايتها الشقراء الجميلة الجالسة امامي , إن كنت تقرأين , بالله ان نويتي حضور اي تجمع او ندوة اخبريني حتى امتنع عن الحضور مقدما :) , اما ام شعر اسود حصاني , والمتبتبه , فأزعجونا كل شوي مساسر وضحك , وبالأخير طلعوا يضحكون على كلامه ..!
والله عيب , ما تتعلمون من الشقراء الحلوة الحبوبة صديقتكم , شحلاتها قاعدة وساكته , ولو سرحت قامت تلعب بخصلات شعرها , يعني شي كله على بعضه حضارة وتنوير واشراق .. :)
وبالنهاية نشكر القائمين على الأمسية , صحيح انني لا اتفق كليا مع فكر اركون , بل حتى اكون اكثر وضوحا فإنني لا افهم الكثير من فكر الرجل , لكن مهما كان مدى توافقنا مع الفكر من عدمه فإنه لا ينفي النية الطيبة والغاية السامية من الندوة , وهي تحفيز العقول على التفكير , وهي فكرة اساسية من افكار التنوير .
..
هسه نجي لموضوعنا .. :) ..
..
موضوعنا – بإختصار – يا سادة يتعلق بنشأة الدين كفكرة , وسوف اطرح زاوية واحدة من وجهة نظر واحدة في هذا الموضوع , يعني قضية محدده جدا اتمنى ان يكون النقاش فيها ثريا ومفيدا , ولن احتاج لطرح وجهات النظر الأخرى وسأكتفي بفتح المجال لمن يحب ان يسأل فنسعى في اجابته .
كما تعرفون ان هناك تنظيرات ورؤى كثيرة تحدثت عن نشأة الدين وتطوره , منها ما يعتمد النظرة الدينية الغيبية البحته , التي تقول بأن الدين هو من عند الله جل جلاله كاملا مكملا , وهذه النظرة تذهب في تطرفها احيانا لحد جعل الأنبياء مجردين من اي اضافة شخصية للدين , فهم مجرد حامل للرسالة وناقل لها حرفيا بدون اي شيء يضيفه النبي للدين .
وعلى الجانب الآخر يوجد النظرة اللادينية البحتة المتطرفة , التي تقول بأن الدين هو نسيج من خيالات وأوهام لمجتمعات غابرة , تدخلت فيه شخصيات لعبت دورا اساسيا في تكوينه وهم الأنبياء , بمعنى ان الأنبياء هنا هم على النقيض تماما من ما تقدمه النظرة الأولى , فالأنبياء هنا هم صناع وملاك للدين , طبعا عبر استخدامهم لميثالوجيا – اساطير – متوارثة عبر الأجيال .
ولكل فريق ادلته , ولكل فريق جداله المستمر والأبدي ..!
لكن النقطة التي نريد نقاشها هي ما طرحه بعض العلماء الذين يمكن تصنيفهم تحت خانة اللادينيين , وهي علاقة الثواب والعقاب بتكوين الدين وخلقه ..!؟
مختصر هذه الفكرة هو ان الفقراء والمستضعفين في العالم , في العصور الغابرة , كانوا يتعرضون للظلم والذل والأضطهاد , ولم يكونوا يملكون سبيلا لقتال او رد هذه المظالم , فنتيجة لهذا الواقع تولدت فكرة الدنيا الآخرة , وان الظالمين سوف يحاسبون , وان المظلومون سوف يثابون , وهذه العقيدة المتخلقة في تلك المجتمعات اتت كنتيجة حتمية او منطقية لمن تبناها في البداية , وذلك لتحقيق العدالة واتمام النظام في هذا الكون , لأن الظالم اذا مات ولم يحاسب , فإنه يترك خللا في الحياة وفي الكون , وهذا لا يستقيم مع كون منظم ودقيق كهذا الذي نعيش فيه ..!
ومن هنى نجد نيتشه الفيلسوف يقول ان الأخلاق – وهي اخت الدين بالمناسبة – هي صناعة ابتكرها الضعفاء ليحموا انفسهم من الأقوياء , وإلا لولا الأخلاق لما وجد ما يمنع القوي من سحق الفقير واكل قوت يومه , فنيتشه يقول ان الضعفاء حين علموا هذه الحقيقة اسسوا للأخلاق ليحموا انفسهم ..!
ولو نظرنا لموضوع نشأة الدين لأمكننا الجدال بقلب الفكرة , بأن نقول ان الأقوياء هم اكثر المستفيدين من خلق فكرة الدين وليس الضعفاء , وذلك ان ضعيفا لا يؤمن بالآخرة قد يقدم على عمل انتحاري بدافع اليأس , اما ان كان الفقير مؤمنا بأنه سيقتص من هذا الظالم عاجلا ام آجلا , فإنه سيكون قابلا بالأمر الواقع وخانعا , ولعل مقولة كارل ماركس الشهيرة : الدين أفيون الشعوب , تأتي في هذا السياق , بمعنى ان الدين يسبب الخمول للناس وقبولهم بالظلم.
طبعا هذه المقولات قد لا تنطبق كليا على الدين الإسلامي لما فيه من الدعوة الواضحة لقتال الظالمين , ولكن لو نظرنا لما قام به وعاظ السلاطين على مر العصور لوجدناهم يعملون لهذه الغاية , غاية خضوع الشعب للأمر الواقع وقبول الحاكم ظالما كان ام عادلا ..!
كل هذه الأفكار اعلاه – وهي بالمناسبة لم تزل بصيغة السؤال ولم نحدد بعد موقفنا منها – تحفز في عقولنا فكرة هي الأخرى لها نصيب كبير في التاريخ , وهي تاريخية النص المقدس , والسؤال القديم نفسه , هل القران مخلوق ام ليس مخلوقا ..؟
وإن تخطينا هذا السؤال بأن قلنا أن القرآن مخلوق .
يأتي سؤال اكثر أهمية من الأول , ولكنه للأسف يقع في خانة التعتيم ولم يناقش كثيرا , وهو ما هو دور النبي في خلق هذا القرآن – او النص المقدس بصورة عامة – وهناك ثلاث احتماليات لهذا السؤال :
الأولى : ان النبي مجرد ناقل , والنص المقدس يكون من الله , سواء الأفكار ام الصياغة اللغوية .
الثانية : ان الأفكار والمبادىء توحى للنبي , وهو يقوم بصياغتها بلغة قومه ليسهل عليهم فهمها , وهنا يدخل دور تأويل النص وتفسيره , الذي اشبعه الدكتور نصر حامد ابو زيد ومحمد اركون وفلاسفة معاصرون نقاشا وحوارا .
الثالثة : ان تكون الأفكار والصياغة اللغوية من عند النبي نفسه .
..
سأكتفي بهذا الحد , منتظرا اضافاتكم الكريمة , لعلنا نناقش بعض ما ورد هنا قريبا ..!
والله ولي التوفيق ..

هناك 12 تعليقًا:

Mohammad Al-Yousifi يقول...

اولا انا ما ادخن

ثانيا انا للاسف ما حضرت الندوة

ثالثا اللي سلم عليك بو جيج , يشبهني

أبو جيج يدور نعاله يقول...

بس حبيت أؤكد على كلام مطقوق

لأن مطقوق تم طرده من القاعة قبل خمس دقائق من مجيئك..

و كنت عائد للقاعة بعد أن ساعدت الشباب على تكتيفه و حمله


لا تشغل بالك حادث بسيط...مطقوق طلع بدلاغاته بدون جوتى



و حضرتك قعدت على نفس كرسى مطقوق

wa7id يقول...

مد الله على السلامه بالاول:)
...
كفكره شخصيه لي بسيطه جدا .. وربما ستكون نمطيه .. لكن لاضرر من ذلك
هو ان الدين ليس انتقام فقط من ظالم لمظلوم
الدين يعني-ليس كمفرده- قانون يعني خطه يعني نظام
وان ولد النظام ولد العدل والمساواه
خطه محكمه لردع الفوضى والتمسك او التذكير باننا بشر
ان تشبثنا بالدين سنؤمن وان امنا ستمتلا قلوبنا بــ الأمل
حصاد الامل ان جنيت سنجني الرحمه والتسامح ..واتمام لمكارم الاخلاق
وايجابه للسؤال القديم هو نفسه الجواب القديم :)
القران ليس مخلوق
القران كلام الله
المخلوق هو من به روح ..وكل من به روح يموت
والقران خالد .. وهذه معجزته
....
خارج الموضوع:)
طلب "غثيث" شوي
ترا تعبت وانا ادور كتاب الوردي اللي يتكلم عن الشخصيه العربيه اللي اشرت عنه من قبل
ممكن بس .. اذا فيه بوست اخطبوطي قادم جديد:)
تحط لنا فقرات عنه
واكووون شاكر لك

bakah يقول...

حياك الله ابا سلمى ..
عذرا عزيزي , انا فقط شاهدت صورتك اكثر من مرة , يعني لا اعرفك على الحقيقة , لهذا اشتبهت بينك وبين بوجيج ..! :)
هل انت وبوجيج اخوان ..؟
ما شاء الله الشبه كبير بينكما ..!

bakah يقول...

اخي الكريم بوجيج .. حياك الله :)
آسفين على الإشتباه .. :)
..
ليش بدون جوتي ؟
كان يبي يحذف جوتيه على أركون ..؟ :)
والا على مراسل قناة الوطن الي كان حاضر ..؟ :)

bakah يقول...

حياك الله عزيزي وحيد ..
اهل العراق دائما يرددون مقولة شهيرة وهي :
اللهم ارزقنا إيمان العجائز .. :)
ايمان العجائز ولو انه ينقصه الكثير من العلم , الا انه صافي لله جل جلاله , وخالي من اي تكلف وتصنع ..
ما تفضلتم به منطقي وجميل فشكرا لك ..
اما موضوع علي الوردي .. فإن شاء الله احاول الخص فكرته بخصوص انفصام الشخصية العربية بأقرب بوست أخطبوطي لعيونك يا استاذ وحيد .. :)
كم وحيد عندنا .. :)

Mohammad Al-Yousifi يقول...

انا حضرت اليوم

ليش ما سلمت علي؟

bakah يقول...

انا ما حضرت اليوم ..
الشباب قاعدين بالشيشه .. والأجواء الشتوية ما تتطوف .. :)

وبعدين البغدادي شبعانين منه .. :)

عسى ما طافني شي ..؟

امس جنه موزعين كتب ..؟

انا وصلت متأخر فما اخذت الا الكتيبات مالت عقيل العيدان الله يعطيه العافيه .. :)

Salah يقول...

سلامة قلبك

:)

مو قالولكم الاختلاط مو زين

:)

bakah يقول...

حياك الله يا صلاح .. :)
الإختلاط زين شين بنفس الوقت ..
لأن لو ما الإختلاط جان وايد شباب بجامعة الكويت ما داوموا اصلا ..!
فالإختلاط له فوائد .. :)

Safeed يقول...

موضوعك طويل يا أخي :)

في الحقيقة الموضوع رائع و بحاجة لمخمخة و جلسة مطولة للاسف لا املك وقتها حاليا ، و لكن باختصار يمكنني أن أقول :
القرآن مخلوق نعم ، فإن لم يكن مخلوقا وقعت باشكالية تعدد القدماء !
و هذه طامة كبرى في الفكر .
ما يقوم به أركون و زملائه من الحداثويين قائم على اشكالية فهمهم الحقيقي للدين و ما هيته و تخبطهم و خلطهم ما بين الفلسفة كباحثة في الوجود ، و بين الخرابيط الأدبية الحالية التي يطلقون عليها تسمية فلسفة بينما هي لا تمت لواقع الفكر الفلسفي إلا بالألفاظ المبهمة .
علي الوردي ؟
لم يكن أكثر من مجرد حامل علوم كانت فوق مستوى عقله ، نعم باحث و أديب و مفكر لكنه قوع في مطبات كثيرة و لديه آراء رائعة بخصوص الاجتماع و لكنه في الدين كزملائه ( خارها وايد ) .

الاخلاق و الدين جوهرهما واحد ، و كلاهما فطرة بالإنسان أتت الأديان تنميها و تشذبها بعد ما شوهتها مصارع الحياة .

شكرا على هذه المقالة و بانتظار التكملة :)

bakah يقول...

العزيز سفيد ..

حياك الله ..

رأيك بأركون ذكرني برأي مرتضى المطهري بـ جان بول سارتر :) ..
مرتضى المطهري يقول عن سارتر انه أديب أفضل منه فيلسوفا .. :)

الوردي حاول ان يعالج الدين من حيث هو ظاهرة إجتماعية , وقد أفلح في مواقع كثيرة , لكن في مواضع كثيرة احسست انه فقد موضوعيته واصبح يحكم على الأمور بمشاعره ..

لكنه يبقى أعظم عالم اجتماع في العالم العربي منذ الأزل الى اليوم ..

رحمه الله ..