الجمعة، 24 أكتوبر 2008

الإخصاء الإجتماعي ودلع المدونين ..!

أحد الأصدقاء المثقفين كانت لديه رغبة بكتابة كتاب وعنوانه : الإخصاء الاجتماعي ..! :) , وكانت نظريته في هذا الكتاب هو أن المجتمع يقوم بعملية إخصاء للإنسان بحيث يسلب منه رجولته الفكرية وقدرته على الترحال والإبحار في عوالم الفكر والثقافة بحرية ..!
طبعا الكتاب عن الإنسان ولكن التعبير : الإخصاء الإجتماعي ليس شاملا لكل البشر , فربما كانت هذه العقبة هي من اوقفه عن كتابة الكتاب :) ..!
وحقيقة انني بدأت افهم مقصده اكثر عندما تخرجت من الجامعة – مهد الحريات والصعلكة الفكرية – وانخرطت في الوظيفة , حقيقة شعرت بأن جزءا من حريتي قد انتهكت , فبعدما كنت سيد نفسي اقرر دوامي بنفسي حسب جدول المواد التي اريدها , واقرر يوميا اذا ما كنت اريد الدوام ام لا , اصبحت لا املك التأخير ولا التغيب , ورغم الفرق الكبير في المدخول المادي بين الوظيفة والجامعة , إلا ان الوقت للإستمتاع بهذا المال اصبح اقل بكثير ..!
..
في كل توقف لي عند اشارة المرور ادعو الله الف مرة ان يكون الأخضر من نصيبي , واذا تأخرت قليلا , يبدأ الشك يساورني , فأقول في نفسي ان الإشارة اليوم فتحت للجهة الأخرى مدة اطول من جهتنا , وبطريق العودة اكون في الجهة الأخرى , فتساورني نفس الشكوك والظنون !! , والحياة كذلك , اشارة مرور , لها مواقيت , لكن نحن الذين نغير اتجاهاتنا , ونتمنى ان تغير الحياة لونها معنا دائما ..!
..
كنت اعتبر التذمر المتنامي في المدونات ظاهرة صحية , حيث ان التذمر يعني الرفض , لكن عندما نظرت لها من منظور آخر وجدت انها ظاهرة لا تخلو من السلبيات , ومن سلبيات التذمر – التحلطم – هو ان الإنسان المتذمر دائما هو انسان مدلل – دلوع – تعود ان توضع اللقمة في فمه بملعقة من ذهب , وحين يمنع عنه اي شيء يقوم بالبكاء والتذمر ولعن الزمان وتخوين كل من يقف بطريقة , وهو بهذا يستعيض عن الفعل لتغيير حالة – وهو شيء يتطلب مجهودا لا يملكه الدلوع – بالتذمر وهو امر سهل يسير ..!
فهل حالة المدونين كذلك ؟ , اخي المتحلطم – والكلام موجه لي بالبداية لأني من اكبر المتحلطمين على وجه الأرض – هل قمت بشيء لتغير من واقعك ؟ عندما ترفض السرقات في الحكومة , هل قمت انت بعملك بأكمل وجه في وظيفتك الحكومية حتى تستحق المعاش ؟ فعدم العمل سرقة للمعاش ..!
..
الطموح للمناصب طبيعة بشرية , وليس عيبا , إلا في مجتمعاتنا ..! , لماذا يرتبط مفهوم حب الوطن عندنا بأن يكون الإنسان نبيا منزها خاليا من الأهواء ؟ , هل من المستحيل ان يجتمع في قلب واحد حب الوطن وحب المنصب ؟!
انا ارى انه ليس مستحيلا , اصلا في الدول المحترمه يقومون بتقوية نزعة حب الذات , لأن الإنسان المحب لذاته هو انسان منتج وعامل بقوة من اجل تحقيق هدفه , فإن وفرت هذه الصفة بالإنسان وجمعتها بالرقابة على اداءه , سوف تحصل على انسان منتج وفاعل , بعكس صفة التحلطم التي تكلمنا عنها اعلاه , فإنها تخلق انسانا متقاعسا وميالا للتخلي عن طموحه مع اي هزه تصيب سعيه لهذا الطموح .
وهذا الكلام موجه لبعض المدونين الذين قرأت لهم كثيرا انهم لا يفكرون للترشح لعضوية مجلس الأمة , وكأن الطموح لهذا المنصب عيب او حرام ..! , فإذا كان الشباب الوطني لا يفكر بالترشح لمجلس الأمة , فمن يفكر بذلك ؟
..
وعذرا على الإطالة .. كانت هذه اربعة بوستات طويلة كان يفترض بي نشرها سابقا , لكن لم اتمكن لهذا اختصرتها هنا ..!

الأحد، 5 أكتوبر 2008

انحلال سبحة الأمن ..!

الأمن العام في البلد مثل المسبحة - مسباح - , ما إن ينحل حتى تتناثر أجزاؤه في كل مكانه , ويصبح من الصعب تجميعها , فالمحافظة على الأمن - الوقاية - هو اسهل بكثير واوفر بكثير واكثر امنا بكثير من العلاج بعد حدوث المشكلة .

لعل هذه المقدمة من البديهيات التي لا مناص من ذكرها بين الحين والآخر , لتذكير البعض بأن ترك الحبل على الغارب في بعض القضايا الأمنية , ربما يحل هذه الأزمات , لكنه حتما سيأتي بثمار السوء على المجتمع في المستقبل القريب او البعيد .

ولعل حادثة مجمع الأفنيوز في ايام العيد دليل فاضح على ان قوة الردع التي تمتلكها العقوبة , أصبحت لا تعني شيئا بالنسبة لطبقات كثيرة في المجتمع الكويتي , وهذا شيء طبيعي , فعندما ترى السارق طليقا , والقاتل هاربا بسهولة من قبضة العدالة , وعندما تكون تكاليف رفع دعاوى قضائية اضعاف مضاعفة للحقوق المسلوبة من المشتكي , نكون امام ازمة خانقة ..!

تعودت آذاننا على سماع أخبار مثل :
-هجوم أفراد من القبيلة الفلانية على مخفر الشرطة وقيامهم بتحرير ابن عمومتهم ..!
- توسط عضو مجلس أمه لأحد القتلة ..!
- خروج متهم بقضية سرقة مال عام بحكم عدم كفاية الأدلة ..!

مثل هذه الأخبار وإن كان فيها بعض المبالغة أحيانا , إلا ان كثير منها حقيقي , وكلنا نخاف من اليوم الذي نذهب فيه ضحية لهذا السيبان , فعندما ينعدم الأمان , وتصبح حقوق الناس عرضة للسارقين والناهبين , فإننا نكون امام معضلة حضارية عظمى , وهي العودة إلى المربع الأول في الحضارة الإنسانية , مربع القوي يأكل الضعيف ..!

وبنفس الوقت فإن هذه الأخبار تربي المتمردين وتمنحهم الجرأة على اجتراح كل انواع المصائب , لأنهم أمنوا العقوبة , فالعقوبة وإن وجدت فإنها ليست ذات قيمة بدون قوتها الرادعة , ونعني بالقوة الرادعة هنا هو الخوف من العقوبة , لأن العقوبة بحد ذاتها ليست هي المطلب الأساس للمشرع للقانون , إنما هو الردع الناتج من العقوبة , فالمجتمع لا يريد الإنتقام من اي كان , المجتمع همه النظام , ولتحقيق النظام يجب فرض العقوبة الرادعة .

توضيح :
السارق مثلا لم يكن ليسجن لولا الغاية الأساسية من سجنه وهي اعادة كرامة القانون واعادة قوة الردع التي يمتلكها النظام تجاه السرقات , فلولا مسألة الردع لكان عقاب السارق هو اعادة الأموال المسروقة , وربما بعض الزيادة عليها ..!

لكن عقوبته اصبحت بهذه الشدة لتفعيل قوة الردع للقانون , ولهذا كان عقاب السارق قطع اليد في الإسلام , لأنه في ذلك المجتمع لم يكن يردع الناس ويخيفهم الا عقوبات بهذه الوحشية , ومع تغير المجتمع وتطوره تطورت وسائله في تطبيق مفهوم الردع من العقوبة .

ونعود هنا لحادثة مجمع الأفنيوز , التي حصل فيها إخلال بالأمن العام , وهي تشكل دلالة من عدة دلالات متوالية على ان المجتمع اصبح اشد عرضة للإنحلال القانوني - ولن أقول الأخلاقي - , وذلك نتيجة تعطيل بعض القوانين , والتراخي الشديد بتطبيق بعضها , ولا نشكك بنزاهة القضاء هنا , لكننا نجزم بتراخيه في بعض القضايا , كقضايا حوادث السيارات وتحديد التعويضات عن هذه الحوادث - ذكرت هذا المثال تحديدا لمعرفتي بالعديد من امثال هذه القضايا - , فقضايا كهذه قد تأخذ سنينا بالمحاكم , وكذلك قضايا المال العام مثل قضية سرقة الناقلات , وغيرها من القضايا التي تطالها بيروقراطية مزعجة تجعل من البت بالقضية امر غير ذي قيمة , فأي مهتم سيتابع قضية عمرها 20 عام ..؟

وهناك نقطة متابعة القضية من المحامي واتعاب المحاماة التي قد تصل لأضعاف مبلغ التعويضات ..!

..

حمى الله الكويت من كل مكروه ..!