الأمن العام في البلد مثل المسبحة - مسباح - , ما إن ينحل حتى تتناثر أجزاؤه في كل مكانه , ويصبح من الصعب تجميعها , فالمحافظة على الأمن - الوقاية - هو اسهل بكثير واوفر بكثير واكثر امنا بكثير من العلاج بعد حدوث المشكلة .
لعل هذه المقدمة من البديهيات التي لا مناص من ذكرها بين الحين والآخر , لتذكير البعض بأن ترك الحبل على الغارب في بعض القضايا الأمنية , ربما يحل هذه الأزمات , لكنه حتما سيأتي بثمار السوء على المجتمع في المستقبل القريب او البعيد .
ولعل حادثة مجمع الأفنيوز في ايام العيد دليل فاضح على ان قوة الردع التي تمتلكها العقوبة , أصبحت لا تعني شيئا بالنسبة لطبقات كثيرة في المجتمع الكويتي , وهذا شيء طبيعي , فعندما ترى السارق طليقا , والقاتل هاربا بسهولة من قبضة العدالة , وعندما تكون تكاليف رفع دعاوى قضائية اضعاف مضاعفة للحقوق المسلوبة من المشتكي , نكون امام ازمة خانقة ..!
تعودت آذاننا على سماع أخبار مثل :
-هجوم أفراد من القبيلة الفلانية على مخفر الشرطة وقيامهم بتحرير ابن عمومتهم ..!
- توسط عضو مجلس أمه لأحد القتلة ..!
- خروج متهم بقضية سرقة مال عام بحكم عدم كفاية الأدلة ..!
مثل هذه الأخبار وإن كان فيها بعض المبالغة أحيانا , إلا ان كثير منها حقيقي , وكلنا نخاف من اليوم الذي نذهب فيه ضحية لهذا السيبان , فعندما ينعدم الأمان , وتصبح حقوق الناس عرضة للسارقين والناهبين , فإننا نكون امام معضلة حضارية عظمى , وهي العودة إلى المربع الأول في الحضارة الإنسانية , مربع القوي يأكل الضعيف ..!
وبنفس الوقت فإن هذه الأخبار تربي المتمردين وتمنحهم الجرأة على اجتراح كل انواع المصائب , لأنهم أمنوا العقوبة , فالعقوبة وإن وجدت فإنها ليست ذات قيمة بدون قوتها الرادعة , ونعني بالقوة الرادعة هنا هو الخوف من العقوبة , لأن العقوبة بحد ذاتها ليست هي المطلب الأساس للمشرع للقانون , إنما هو الردع الناتج من العقوبة , فالمجتمع لا يريد الإنتقام من اي كان , المجتمع همه النظام , ولتحقيق النظام يجب فرض العقوبة الرادعة .
توضيح :
السارق مثلا لم يكن ليسجن لولا الغاية الأساسية من سجنه وهي اعادة كرامة القانون واعادة قوة الردع التي يمتلكها النظام تجاه السرقات , فلولا مسألة الردع لكان عقاب السارق هو اعادة الأموال المسروقة , وربما بعض الزيادة عليها ..!
لكن عقوبته اصبحت بهذه الشدة لتفعيل قوة الردع للقانون , ولهذا كان عقاب السارق قطع اليد في الإسلام , لأنه في ذلك المجتمع لم يكن يردع الناس ويخيفهم الا عقوبات بهذه الوحشية , ومع تغير المجتمع وتطوره تطورت وسائله في تطبيق مفهوم الردع من العقوبة .
ونعود هنا لحادثة مجمع الأفنيوز , التي حصل فيها إخلال بالأمن العام , وهي تشكل دلالة من عدة دلالات متوالية على ان المجتمع اصبح اشد عرضة للإنحلال القانوني - ولن أقول الأخلاقي - , وذلك نتيجة تعطيل بعض القوانين , والتراخي الشديد بتطبيق بعضها , ولا نشكك بنزاهة القضاء هنا , لكننا نجزم بتراخيه في بعض القضايا , كقضايا حوادث السيارات وتحديد التعويضات عن هذه الحوادث - ذكرت هذا المثال تحديدا لمعرفتي بالعديد من امثال هذه القضايا - , فقضايا كهذه قد تأخذ سنينا بالمحاكم , وكذلك قضايا المال العام مثل قضية سرقة الناقلات , وغيرها من القضايا التي تطالها بيروقراطية مزعجة تجعل من البت بالقضية امر غير ذي قيمة , فأي مهتم سيتابع قضية عمرها 20 عام ..؟
وهناك نقطة متابعة القضية من المحامي واتعاب المحاماة التي قد تصل لأضعاف مبلغ التعويضات ..!
..
حمى الله الكويت من كل مكروه ..!
مرحلة بلا طعم
قبل 10 أشهر
هناك 6 تعليقات:
فى خلال الثلاثين عاما الماضية تعرضت مصر الى حملة منظمة لنشر ثقافة الهزيمة - The Culture of Defeat - بين المصريين, فظهرت أمراض اجتماعية خطيرة عانى ومازال يعانى منها خمسة وتسعون بالمئة من هذا الشعب الكادح . فلقد تحولت مصر تدريجيا الى مجتمع الخمسة بالمئه وعدنا بخطى ثابته الى عصر ماقبل الثورة .. بل أسوء بكثير من مرحلة الاقطاع.
هذه دراسة لمشاكل مصرالرئيسية :
1- الانفجار السكانى .. وكيف أنها خدعة فيقولون أننا نتكاثر ولايوجد حل وأنها مشكلة مستعصية عن الحل.
2- مشكلة الدخل القومى .. وكيف يسرقونه ويدعون أن هناك عجزا ولاأمل من خروجنا من مشكلة الديون .
3- مشكلة تعمير مصر والتى يعيش سكانها على 4% من مساحتها.
4 - العدالة الاجتماعية .. وأطفال الشوارع والذين يملكون كل شىء .
5 - ضرورة الاتحاد مع السودان لتوفير الغذاء وحماية الأمن القومى المصرى.
6 - الطاقة المتجددة كبديل للطاقة النووية. فالطاقة النووية لها محاذيرها وهذا ماسوف نشرحه بالتفصيل.
ارجو من كل من يقراء هذا ان يزور ( مقالات ثقافة الهزيمة) فى هذا الرابط:
http://www.ouregypt.us/culture/main.html
والله يا خوك
مو حافظ الديره الا ربك سبحانه
واترك عنك سوالف الامن والخرابيط هذي
ماعندهم ما عند جدي
اللهم احفظ الكويت من كل مكروه
i agree with u
غير معرف ..
حياك الله اخي ..
وشكرا لمعلوماتك القيمة ..
..
كويتاوي ..
الله كريم .. لكن يجب ان نعمل بالأسباب ..
مطقوق ..
Thank you :)
المسألة مختصرة بما سماها ابن خلدون " ضعف المركزية " ، عندما يضعف مركز الدولة تضعف قواها فتظهر للسطح قوى اخرى تحاول اخذ زمام المبادرة فيتحزب خلفها الناس مثل الطائفية و القبلية و غيرها .
نحن في الكويت للأسف نعاني من هذا الامر و نتيجته كانت التراخي في مسألة القانون و الردع ، و عندما يختفي الردع يظهر ما تراه الآن .
حياك الله اخي سفيد ..
احد اهم مراكز الدولة الحديثة هو البرلمان , مجلس الأمة في حالتنا , ولأنه نابع من الشعب , فضعفه من ضعف الشعب , وهذا يدخلنا بدائرة لا يمكن الخروج منها .. إلا بتدخل عنصر اصلاحي قوي يتسامى ويعلو فوق هذه الغوغائية التي نعيشها .. وهذا ما ندعو الله ان يرزقنا به ليل نهار ..!
يبقى الإصلاح من مجلس الأمة أولا ..
إرسال تعليق