أحد الأصدقاء المثقفين كانت لديه رغبة بكتابة كتاب وعنوانه : الإخصاء الاجتماعي ..! :) , وكانت نظريته في هذا الكتاب هو أن المجتمع يقوم بعملية إخصاء للإنسان بحيث يسلب منه رجولته الفكرية وقدرته على الترحال والإبحار في عوالم الفكر والثقافة بحرية ..!
طبعا الكتاب عن الإنسان ولكن التعبير : الإخصاء الإجتماعي ليس شاملا لكل البشر , فربما كانت هذه العقبة هي من اوقفه عن كتابة الكتاب :) ..!
وحقيقة انني بدأت افهم مقصده اكثر عندما تخرجت من الجامعة – مهد الحريات والصعلكة الفكرية – وانخرطت في الوظيفة , حقيقة شعرت بأن جزءا من حريتي قد انتهكت , فبعدما كنت سيد نفسي اقرر دوامي بنفسي حسب جدول المواد التي اريدها , واقرر يوميا اذا ما كنت اريد الدوام ام لا , اصبحت لا املك التأخير ولا التغيب , ورغم الفرق الكبير في المدخول المادي بين الوظيفة والجامعة , إلا ان الوقت للإستمتاع بهذا المال اصبح اقل بكثير ..!
..
في كل توقف لي عند اشارة المرور ادعو الله الف مرة ان يكون الأخضر من نصيبي , واذا تأخرت قليلا , يبدأ الشك يساورني , فأقول في نفسي ان الإشارة اليوم فتحت للجهة الأخرى مدة اطول من جهتنا , وبطريق العودة اكون في الجهة الأخرى , فتساورني نفس الشكوك والظنون !! , والحياة كذلك , اشارة مرور , لها مواقيت , لكن نحن الذين نغير اتجاهاتنا , ونتمنى ان تغير الحياة لونها معنا دائما ..!
..
كنت اعتبر التذمر المتنامي في المدونات ظاهرة صحية , حيث ان التذمر يعني الرفض , لكن عندما نظرت لها من منظور آخر وجدت انها ظاهرة لا تخلو من السلبيات , ومن سلبيات التذمر – التحلطم – هو ان الإنسان المتذمر دائما هو انسان مدلل – دلوع – تعود ان توضع اللقمة في فمه بملعقة من ذهب , وحين يمنع عنه اي شيء يقوم بالبكاء والتذمر ولعن الزمان وتخوين كل من يقف بطريقة , وهو بهذا يستعيض عن الفعل لتغيير حالة – وهو شيء يتطلب مجهودا لا يملكه الدلوع – بالتذمر وهو امر سهل يسير ..!
فهل حالة المدونين كذلك ؟ , اخي المتحلطم – والكلام موجه لي بالبداية لأني من اكبر المتحلطمين على وجه الأرض – هل قمت بشيء لتغير من واقعك ؟ عندما ترفض السرقات في الحكومة , هل قمت انت بعملك بأكمل وجه في وظيفتك الحكومية حتى تستحق المعاش ؟ فعدم العمل سرقة للمعاش ..!
..
الطموح للمناصب طبيعة بشرية , وليس عيبا , إلا في مجتمعاتنا ..! , لماذا يرتبط مفهوم حب الوطن عندنا بأن يكون الإنسان نبيا منزها خاليا من الأهواء ؟ , هل من المستحيل ان يجتمع في قلب واحد حب الوطن وحب المنصب ؟!
انا ارى انه ليس مستحيلا , اصلا في الدول المحترمه يقومون بتقوية نزعة حب الذات , لأن الإنسان المحب لذاته هو انسان منتج وعامل بقوة من اجل تحقيق هدفه , فإن وفرت هذه الصفة بالإنسان وجمعتها بالرقابة على اداءه , سوف تحصل على انسان منتج وفاعل , بعكس صفة التحلطم التي تكلمنا عنها اعلاه , فإنها تخلق انسانا متقاعسا وميالا للتخلي عن طموحه مع اي هزه تصيب سعيه لهذا الطموح .
وهذا الكلام موجه لبعض المدونين الذين قرأت لهم كثيرا انهم لا يفكرون للترشح لعضوية مجلس الأمة , وكأن الطموح لهذا المنصب عيب او حرام ..! , فإذا كان الشباب الوطني لا يفكر بالترشح لمجلس الأمة , فمن يفكر بذلك ؟
..
وعذرا على الإطالة .. كانت هذه اربعة بوستات طويلة كان يفترض بي نشرها سابقا , لكن لم اتمكن لهذا اختصرتها هنا ..!
مرحلة بلا طعم
قبل 10 أشهر